أطلقت عدد من المراكز النسوية في مصر وبعض الدول العربية دعوات من شأنها هدم الأسرة والتي تعتبر نواة المجتمع، ومن هذه الدعوات ويأتي على رأسها ما دعت إليه بعضها من تقييد التعدد الذي أباحه الله عز وجل في محكم آياته، وجعل من وراء هذا التعدد عللا كثيرة وفوائد عظيمة تعود على المجتمع بداية ثم يعود نفس النفع على أفراد هذا المجتمع بالتبعية.
الغريب في مثل هذه الدعوات أنها صدرت من منظمات حقوقية ولاقت ترحيبا شديدا من قبل بعض التابعين لها من أذناب الحضارة الغربية، الذين يجدون أن ما تخلفه هذه الحضارة أفضل من الميراث الذي خلفه الإسلام لتنظيم حياة هذا المجتمع.
نحاول من خلال هذا التحقيق مناقشة هذه الدعوات التي أطلقتها بعض الجمعيات النسوية والتي من شأنها تهديد الأسرة والبحث عن آثار هذه الدعوات على الكيان المجتمعي بشكل عام، فإلى نص التحقيق:
¤ دعوة قديمة
في البداية تقول كاميليا سعود، طبيبة، إن دعوى المراكز النسوية ليست جديدة وإن مثل هذه الدعوات قديمة ولكنها وجدت البيئة الخصبة لإستقبالها فترعرعت في ظل حالة الإغتراب التي تعيشها الأمة ما بين أفكار مستوردة وقيم إسلامية تلاشت مع الوقت.
ولفتت كاميليا، إلى أهمية التصدي لمثل هذه الدعوات عن طريق توضيح آثار التمسك بالقيم الإسلامية ورمزية الإرتباط بالقيم التي من شأنها إعلاء شأن الإنسان.
وقالت كاميليا: إن الإسلام إستطاع أن ينظم شئون الحياة بأكملها بالشكل الذي لا يستطيع مزاحمته بغيره من الشرائع الأخرى التي لا شك أنها لا تفهم الطبيعة الإنسانية.
ووصفت الإنسان بالآلة التي لا يمكن لها أن تعمل إلا من خلال كتالوج، ومع الفارق في التشبيه فإن كتالوج الإنسان في شرائع الله وآياته التي أنزلها لينظم العلاقة بين الإنسان وغيره من البشر كما ينظم العلاقة بين الإنسان وربه من جانب آخر.
وإعتبرت أن تأثير هذه الدعوات كبير على الأسر على المدى البعيد حيث تصاب الأسر بالتفكك، معلنة إستغرابها الشديد من إطلاق دعوات مخالفة للشريعة الإسلامية في قوانين الأحوال الشخصية.
وأضافت في ذات السياق، ربما يحلو لبعض النساء فكرة تقييد التعدد، وهم لا يعرفون أن هذا التقييد يسبب من المشاكل المجتمعية الكثير، كأن يفتح المجال واسعا وكبيرا أمام العلاقات غير الشرعية التي لا تتيح الإلتقاء الأسري من خلال الزواج.
¤ الاتزان العائلي والمجتمع:
ومن جانبه يقول أسامة عبد العزيز، محاسب، وزوج لثلاثة من الزوجات، إن مثل هذه القوانين تخالف صراحة الإسلام وتقف عقبة كئودا أمام تحقيق ما يسمى بالإتزان العائلي داخل المجتمع.
وقال: إن من عظمة الإسلام، أنه راعى في شرائعه تحقيق المطالب البيولوجية للإنسان، ومن هنا كان تحليل الزواج وإباحة الزواج أكثر من واحدة طالما كان هناك سبب لذلك.
وحكى قصة زواجه الثالثة التي قال: إنها كانت بموافقة كل منهن دون أن يكون هناك ضغط، معتبرا أن العلاقة الزوجية من أهم العلاقات الإنسانية التي تحفظ إستمرار وإستقرار الحياة علي وجه البسيطة.
وتعجب أسامة من نظرة بعض المجتمعات العربية لمن يقوم بالتعدد على إعتبار ذلك جريمة، في حين تسمح هذه المجتمعات وتغفر بعض الأسر زلات بعض الرجال ووقوعهم في الزنا، على أن يقوم الرجل بالزواج مرة ثانية.
¤ دعوات مشبوهة:
تقول نهاد أبو القمصان، رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، إن هذه الدعوات الهدف منها حماية حقوق المرأة التي لم تحصل عليها حتى هذه اللحظة، ونفت إحتمال وقوف مراكز غربية مشبوهة وراء هذه الدعوات.
وطالبت أبو القمصان، بأن يكون هناك حوار حول حقوق المرأة في العالم العربي التي قالت: إنه يقف حائلا دون حصول المرأة على حقوقها.
¤ التعدد.. حل سحري لمشاكل المجتمع:
ومن جانبه، هاجم الدكتور محمد عبد المنعم البري، الأستاذ بجامعة الأزهر، دعوات هذه المراكز واصفا إياها بأن هدفها هدم المجتمع ومدخل هذه الهدم من خلال المرأة.
وأضاف، لن تفلح أمة تهاجم الشرائع السماوية وتغير نواميس الكون بالتدخل المباشر فيما أحله الله وحرمه، معتبرا أن التعدد حل سحري لمشاكل المجتمع بأكمله.
وقال: ماذا نفعل في مشاكل العنوسة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية والإسلامية أو في تزايد أعداد النساء على الرجال في نفس هذه المجتمعات إلا في إباحة التعدد وتسهيل شئون الزواج وإعانة المتزوجين على فتح بيوت جديدة لمجرد الحد من الظاهرة.
وإتهم القائمين على المراكز النسوية التي تطلق هذه الدعوات بأنها مراكز مشبوهة وأن أغلبها يطلق هذه الدعوات ليلقى دعما مباشرا من قبل منظمات حقوقية في الغرب، وبالتالي فإن أجندة التمويل هي التي تحكم دعوات هذه المراكز.
الكاتب: د. سامية مشالي.
المصدر: موقع لها أون لآين.